غياب الثقة و"شخصنة" المشهد السياسي العائق أمام تشكيل الحكومة
لم تسفر الجولة الأولى من "محادثات جس النبض" التي عقدتها الأحزاب السياسية الألمانية عن أي تقارب في وجهات النظر حول إمكانية التوصل إلى اتفاق على تشكيل الحكومة المقبلة. وبينما تحاول هذه الأحزاب البحث عن أرضية مشتركة تفضي إلى تشكيل حكومة ائتلافية فان قيادات حزبية تتحدث عن عدم وجود قواسم مشتركة من شانها أن تفضي إلى اتفاق. وحتى هذه اللحظة يبدو أن تشكيل تحالف بين الحزبين الكبيرين المسيحي الديمقراطي والاشتراكي الديمقراطي هو الحل الاكثر واقعية وخصوصا أن هذين الحزبين يتحملان مسؤولية تاريخية تجاه ناخبيهم تجبرهم على تجاوز المسلمات والخطوط الحمر
العقدة في منصب المستشار!
تشكيل تحالف كبير وان كان ـ كما أوردنا ـ أكثر الحلول واقعية، لا يخلو من التعقيدات التي تخرج عن النطاق المتعارف علية تاريخيا في ألمانيا: فالحزبان لا يزالان يصران على تولي مرشح كل منهما منصب المستشار مقابل تقديم تنازلات والقبول بتسويات بشأن برامجهما ووعودهما الانتخابية. وفي هذا السياق وصفت زعيمة الحزب المسيحي الديمقراطي اللقاء الأول بين قيادتي الحزبين "بالبناء"، غير أنها أشارت إلى أن مسألة تشكيل الحكومة لم تحسم بعد. وكررت ميركل أن نتائج الانتخابات تعطيها الحق بتشكيل الحكومة وتأمل أن يقتنع الحزب الاشتراكي الديمقراطي بأنه خسر الانتخابات. من جانبه أكد رئيس الحزب الاشتراكي الديمقراطي، فرانس مونتفيرينج، بوضوح على أن هدف حزبه يتمثل في المشاركة في حكومة ائتلافية ولكن بزعامة جيرهارد شرودر، حسب تعبير مونتفيرينج.
فشل مزج الألوان المتناقضة
على الجانب الأخر وفي إطار السعي الحثيث لتكوين التحالفات، فشل أول محاولة لقاء "جس نبض" بين الحزب المسيحي الديمقراطي وحزب الخضر. وكان الطرفان يخططان، رغم الاختلاف الأيديولوجي بينهما، لعقد لقاء أولي لتبادل الأفكار حول إمكانية تشكيل ائتلاف يجمع كل من الحزبين المسيحيين الديمقراطي والاجتماعي والحزبين الصغيرين الليبرالي والخضر. وفي حين يتحفظ الحزب الليبرالي الدخول في تحالف يجمعه وحزب الخضر تحت مظلة واحدة مع الحزبين المسيحيين الديمقراطي والمسيحي الاجتماعي، يرى حزب البيئة "الخضر" عدم وجود قواسم فكرية وسياسية مشتركة مع هذه الأحزاب مجتمعة. من جانبه يجد المسيحي الديمقراطي والاجتماعي نفسه مضطرا لمد يده لحزب الخضر لكي يتمكن من تشكيل الحكومة رغم معرفته لمدى اتساع الهوة بينه وبين هذا الحزب. بالتالي يمكن القول إن عملية مزج الألوان المتناقضة قد باءت بالفشل ( يرمز لكل حزب من هذه الأحزاب عادة بلون معين).
استطلاع: الألمان يفضلون ميركل...
من ناحية أخرى اظهر استطلاع جديد للرأي أن عدد الألمان الذين يفضلون تولي انجيلا ميركل منصب المستشار المقبل اكبر من نسبة أولئك الذين يفضلون شرودر لهذا المنصب. واشار الاستطلاع الذي أجراه معهد ايمنيد أن 47% من الألمان يريدون ميركل في منصب المستشار مقابل 44% لشرودر الذي اعتبر أن نتائج الانتخابات تشير إلى أن الألمان يؤيدون سياسته يريدون منه البقاء في منصبة.
.... ويريدون حكومة ائتلافية
و اظهر نفس الاستطلاع ان واحدا من بين كل أربعة من الألمان يفضل "ائتلاف موسع" بين حزبي ميركل و شرودر في حين يفضل واحد من بين كل ثلاثة من الألمان ائتلافا يجمع كلا من الحزبين المسيحي الديمقراطي والمسيحي الاجتماعي والحزب الليبرالي وحزب الخضر. ويعارض نسبة 63% من الألمان إعادة الانتخابات كحل لانهاء المأزق الحالي.
عبده جميل المخلافي