تحديات النمو الاقتصادي للعقد القادم
٥ يناير ٢٠١٠توحي توقعات خبراء بالأمل في أن عام 2010 سيشهد نموا اقتصاديا، بعد الانكماش الاقتصادي الذي اشتدت حدته جزئيا في عام 2009 . ولكن هؤلاء لم يوضحوا تماما ما إذا كان هذا النمو سيتواصل بعد عام 2010. بيد أن المؤكد هو أننا سنظل نعاني من الأزمة المالية والاقتصادية إلى حين. وعلى وجه التحديد لمدة عامين آخرين على الأقل، كما يقول رئيس معهد الاقتصاد الألماني في مدينة كولونيا، ميشائيل هوتر Michael Hüther ، الذي يضيف في حديث لدويتشه فيله أن : "طريق النجاة من الأزمة مضن بلا شك. إذ إنه محفوف دائما بالمخاطر".
طريق النجاة من الأزمة طويل
' غير أن هوتر يرى أنه قد تم التغلب على أسوأ مراحل هذه الأزمة. ويشارك هوتر في هذا الرأي هانز - فيرنر زين Hans-Werner Sinn ، رئيس معهد الأبحاث الاقتصادية / إيفو، مؤكدا أن على الدولة أن تواصل مبدئيا عمل الكثير من أجل حماية الاقتصاد.
بيد أن رئيس معهد الاقتصاد العالمي في هامبورغ، توماس شتراوبهار Thomas Straubhaar ، يرى أن مواصلة العمل على حماية الاقتصاد أمر سهل من الناحية النظرية، ولكنه اوضح الصعوبة عمليا؛ إذ لا بد أن يتم البدء في الوقت المناسب. وقد يتعين على الدولة ضمان إعفاءات ضريبية أولا لإنعاش الاقتصاد والعمالة. وبعد ذلك واعتبارا من المرحلة الثانية يتعين عليها أن تجبي المزيد من الضرائب. بيد أن شتراوبهار يحذر من أن ذلك يمثل "عملية غاية في الصعوبة".
التغير المناخي أكبر تحديات العقد القادم
من جانبه يرى رئيس معهد الاقتصاد الألماني، ميشائيل هوتر، أنه إذا ما تم في وقت ما التغلب على الأزمة المالية والاقتصادية، فإن السياسيين والاقتصاديين سيواجهون مشاكل جديدة إلى حد ما. إذ إن أكبر تحد فعلي في العقد الجديد سيكون التغير المناخي. ويوضح هوتر أن هذا الموضوع يأخذ مكانه منذ سنوات في أجندة السياسيين والمسؤولين في قطاع الاقتصاد.، ولم يتم التوصل إلى أي حل فعلي له. وسيتمثل التحدي القادم برأيه في التوصل إلى حل سليم وفعال.
مشاكل جديدة بسبب التغير الديموغرافي
ويقول هوتر بأن هناك موضوعا محوريا آخر تم إهماله في الفترة الأخيرة، وسيتحتم الاهتمام به سريعا بشكل قوي، وهو التغير الديموغرافي. ويضيف بأن الأمر في هذا الشأن لا يتعلق بزيادة عدد المسنين في العالم فحسب، وإنما أيضا "بزيادة البشر في مرحلة من مراحل الحياة". ويرى هوتر أن هذا الموضوع ليس جديدا، إلا أنه سيتطور في السنوات القادمة ليصبح مشكلة. ولم يتوفر بعد أي حل فعلي لها، مشيرا إلى أن "هذا هو التحدي الحقيقي الذي لا نعمل لمواجهته إلا القليل جدا، ما أعتبره تصرفا خطيرا".
ويلاحظ رئيس معهد الاقتصاد الألماني أيضا أن هناك مسألة جوهرية أخرى، وهي مسألة توزيع الثروات الطبيعية. ويوضح هوتر بأن الأمر في ذلك لا يدور حول الثروات المنتجة للطاقة فحسب، كالفحم والنفط والغاز، وإنما أيضا حول المعادن، وخاصة المعادن الأخرى غير الحديد. ويضيف ميشائيل هوتر أنه في هذا المجال بالذات يتعين تكثيف الأبحاث لإيجاد بدائل للثروات التي ستنفد، مشيرا إلى أن الوصول إلى مخزون هذه الثروات هو من مهام النظام الدولي. ويوضح هوتر بأنه يتعين على جميع دول العالم أن تشترك في معالجة هذه المشكلة.
تحسن التعاون الدولي
ويقول هوتربأن للأزمة المالية والاقتصادية على كل حال جوانبها الإيجابية؛ إذ إنها شجعت التعاون على الصعيد الدولي؛ فالقرارات الهامة لا تتخذها اليوم مجموعة الثماني، وإنما مجموعة العشرين. وهذا ما يجعل الأمر أكثر تعقيدا من ناحية، وأكثر سهولة من ناحية أخرى؛ إذ يتم من البداية إشراك كل اللاعبين المهمين فعلا في الأحداث الاقتصادية العالمية.
إن جودة التعاون تؤثر بشكل إيجابي على التعاون مستقبلا، سواء تعلق الأمر بتحديات التغير المناخي، أو بمواجهة مشكلة تزايد المسنين، أو بمسألة توزيع الثروات الطبيعية، أو بإيجاد حل للأزمة المالية والاقتصادية.
الكاتب: فرانك فورنر / محمد الحشاش
مراجعة: ابراهيم محمد