تخصص "المساعدة الإنسانية" في جامعة بوخوم
٢٧ فبراير ٢٠١٠الطلاب الذين يتخصصون في فرع "المساعدة الإنسانية" ليسوا كباقي الطلاب العاديين. إنهم حاملو شهادات جامعية من مختلف التخصصات. بينهم الأطباء والحقوقيون والاقتصاديون. ومن بينهم أيضا الطالبة تيريزا ريبس البالغة ثمانية وعشرين ربيعا، وحاملة شهادة دبلوم في تخصصي الفلسفة وعلوم التربية. وترجع الطالبة الشابة سبب اختيارها لهذا التخصص إلى رغبتها الشديدة في مساعدة الآخرين، كما توضح في حديث للدويتشه فيلله. "لقد خصصت حيزاً كبيراً من اهتماماتي لبرامج محو الأمية في الدول الفقيرة وخصوصا البرازيل، حيث قمت ببعض التجارب الميدانية أيضا."
"رغبة المساعدة وحدها ليست كافية"
لكن الرغبة وحدها لا تكفي لجعل المحتاجين يستفيدون من المساعدات، كما تشرح تيريزا ريبس. والدليل على ذلك هي التجربة الأخيرة في هايتي. فالزلزال العنيف الذي ضرب الجزيرة مؤخراً تسبب في مقتل عشرات الآلاف وتشريد الملايين من الأشخاص. لكن الكارثة شكلت أيضا تحدياً جدياً بالنسبة للمجتمع الدولي. فرغم الإرادة الكبيرة للمجموعة الدولية لمساعدة المنكوبين، ورغم العدد الهائل من المتطوعين، حالت عوائق كثيرة دون وصول المساعدات إلى من يحتاجها وفي الوقت المناسب، ما زاد من تأزم أوضاع هؤلاء.
الطالبة الألمانية تيريزا ريبس تعرف مثل هذه المشاكل جيدا من خلال تجاربها الشخصية، ففي مكان الكارثة بالذات يصطدم المرء بمشاكل لا تقل أهمية عن توفير المساعدات، "كتنظيم العمل وتوزيع الماء والحاجيات الأخرى بشكل عاجل بين الضحايا". إضافة إلى ذلك، تواجه المرء مشاكل نفسية أو أخرى تتعلق بالجنس مثلا. فحسب قول تيريزا ريبس، لم يكن من السهل عليها فرض كلمتها "كامرأة وسط مجموعة من المنكوبين يعانون من الأزمة." لذا لم تتردد في العودة إلى الجامعة، كما تقول. "هنا يمكنني تعلم كيف أتغلب على هذه المشاكل."
آفاق عملية واسعة
جامعة بوخوم هي واحدة من الجامعات الأوروبية التي تقدم لطلابها هذا التخصص، إلى جانب جامعة بيلباو في إسبانيا وجامعة مرسيليا في فرنسا وجامعة أوبسالا في السويد وجامعة دبلن في إيرلندة. كل هذه الجامعات تتعاون فيما بينها في تكوين نساء ورجال الإغاثة وتدريبهم على التعامل بفعالية مع أوضاع كارثية، كي تصل المساعدات إلى من يحتاجونها وفي أسرع وقت ممكن. إضافة إلى ذلك يتعلم الطلاب سبل تنسيق عمل مختلف منظمات الإغاثة في حالات الكوارث، كما يوضح الدكتور ماركوس موكة مدير تخصص "المساعدة الإنسانية" في جامعة بوخوم. وتستغرق الدراسة سنة ونصف، حيث يتعلم الطلاب في فترة أولية القواعد الأساسية لتنظيم عمليات الإغاثة. بعد ذلك يمكنهم الانتقال إلى إحدى الجامعات الأوروبية الشريكة لكسب خبرات جديدة في مجالات أخرى. أما في بوخوم فالأهمية الكبرى تحظى بها برامج إدارة المشاريع وتدريب الطلاب على بناء الهياكل المناسبة والفعالة بسرعة عند وقوع كوارث ما. "في حين تركز الجامعات الأخرى على طرق حل النزاعات وبحث أسبابها وعلى إعادة البناء والمساعدات التنموية البعيدة المدى"، كما يوضح الدكتور موكة.
ويدرس في جامعة بوخوم عشرون طالبا حاليا، في حين تزداد الحاجة إلى خريجي هذا التخصص في الوقت الحالي وبشكل سريع بعد كارثة هايتي. فالمفوضية الأوروبية وحدها، وهي أكبر المجموعات المانحة في مجال الإغاثة الإنسانية في العالم، تقدر حاجتها لمثل هؤلاء الخبراء بمائة وأربعين في السنة. أما منظمات الإغاثة الأخرى كالصليب الأحمر الدولي أو المنظمات التابعة للأمم المتحدة فترغب هي الأخرى في ضم عاملين مختصين في مجال الإغاثة الإنسانية. فرص عمل جيدة إذن تنتظر الطالبة تيريزا ريبس وزملاءها. لكن الطالبة الشابة لا تهتم بذلك في الوقت الحالي. فهي ترغب أن تصبح "أكثر مهنية في هذا المجال. هذه هي رغبتي الأولى"، كما تقول.
الكاتب: كلاوس دويزة /خالد الكوطيط
مراجعة: منى صالح